الوضع المظلم
الأحد ١٤ / سبتمبر / ٢٠٢٥
Logo
  • محاضرة العميد مناف طلاس في "ساينس بو Sciences po" - قراءة في دلالات التوقيت والمضمون.

محاضرة العميد مناف طلاس في
مناف طلاس

تحت قبة معهد العلوم السياسية المرموق "Sciences Po" في باريس، سوف يلقي العميد مناف طلاس غداً يوم السبت محاضرة حول "سوريا: التحديات والآفاق المستقبلية". وبذات الوقت من المؤكد ان هذه المحاضرة ملن تكون جرد حدث أكاديمي عابر، بل سوف تحمل في طياتها دلالات سياسية عميقة، خاصة في ظل التساؤلات المتزايدة حول مستقبل سوريا والمخارج الممكنة لأزمتها التي طال أمدها.

لا بد من القول ​إن توقيت ظهور العميد طلاس في هذا المحفل الدولي يعكس إدراكاً متزايداً لأهمية البحث عن حلول إنقاذية، تتجاوز الأدوات التقليدية التي أثبتت فشلها على مدى سنوات. هذا الظهور العلني يفتح الباب أمام تساؤلات حيوية: هل يمثل هذا الحدث إشارة إلى بداية مرحلة جديدة من الحوار والبحث عن صيغة وطنية جامعة؟ وهل يمكن أن تكون فكرة و مشروع العميد طلاس، كما يراه البعض، محاولة لإعادة الاعتبار لمفهوم "الوطنية السورية" القائمة على الشراكة والوحدة،؟! بعيداً عن مشاريع التقسيم أو محاولات البعض الاستحواذ والإستئثار؟!.

​منذ انشقاقه في عام 2012، ارتبط اسم العميد طلاس برؤية تسعى إلى التوفيق بين ضرورات التغيير السياسي والحفاظ على وحدة النسيج الاجتماعي. هذه الرؤية، التي يصفها مقربون بأنها غير إقصائية، تؤمن بأن سوريا هي وطن لجميع أبنائها. في سياق يواجه فيه المجتمع السوري تحديات مصيرية، يبدو أن هناك حاجة ملحة إلى شخصيات تتمتع بمصداقية اجتماعية وعسكرية وسياسية، يمكنها أن تكون جسراً بين الأطراف المختلفة.

​لقد كشفت أحداث السنوات الماضية عن حقيقة مرة: التغيير ليس بالضرورة ضمانة للاستقرار. في غياب مشروع وطني جامع، قد تتحول سوريا إلى ساحة نزاعات أشد وأعقد. هذا الإدراك لم يعد مقتصراً على السوريين، بل بات المجتمع الدولي يشارك فيه، مدركاً أن أي حل مستدام يجب أن ينطلق من الداخل السوري، ويستثني فقط من أوصلوا البلاد إلى ما وصلت أليه من تدمير و تلطخت أيديهم بالدم السوري.

من المهم التأكيد على أنه لم يصدر أي بيان رسمي أو تصريح مباشر من العميد مناف طلاس حول نيته أو سعيه لاستلام السلطة في سوريا. المقربون منه يؤكدون أن تركيزه ينصب على بناء مشروع وطني جامع يشارك فيه كل السوريين، بدلاً من السعي لفرض نفسه كقائد أو حاكم على اعتبار أن سوريا ومستقبلها أكبر من الجميع. 

وعلى الأرجح إن المحاضرة المنتظرة هي فرصة لطرح ملامح رؤية جديدة، قد لا تقدم حلولاً نهائية، ولكنها على الأقل تشير إلى إمكانية وجود مشروع إنقاذي "خارطة طريق" يعيد الاعتبار لوحدة سوريا، أرضاً وشعباً. في هذا الصدد، تتداول بعض الأوساط قولاً منسوباً للعميد طلاس مفاده: "لقد ورث السوريون سفينة مثقوبة، وعلينا أن نعمل جميعاً لإنقاذها، بدلاً من أن نتركها تغرق فيغرق الجميع معها".

​ختاماً، فإن هذا الحدث قد يكون بمثابة مد يد للأطراف الوطنية المؤمنة بسوريا موحدة. سوريا التي تتساوى فيها الحقوق والواجبات، ويُفسح المجال فيها لكل من يملك الكفاءة والإنجاز. إنه نداء للعمل المشترك، بعيداً عن خلافات الماضي وأختلاف  المشاريع، من أجل إنقاذ المستقبل.

بقلم السياسي والإعلامي أحمد منصور

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!